فأجاب: بأن صالحي البشر أفضل باعتبار كمال النهاية، والملائكة أفضل باعتبار البداية، فإن الملائكة الآن في الرفيق الأعلى -منزهين عما يلابسه بنو آدم- مستغرقون في عبادة الرب، ولا ريب أن هذه الأحوال الآن أكمل من أحوال البشر" فالملائكة يسبحون بالليل والنهار لا يفترون، وهم لا يسأمون ولا يملون من عبادة الله سبحانه وتعالى، فهم باعتبار الحال الواقع الآن أفضل من صالحي بني آدم.
أما باعتبار النهاية فيقول: "وأما يوم القيامة بعد دخول الجنة، فيصير صالحو البشر أكمل من حال الملائكة" لأن بني آدم إذا دخلوا الجنة فإنهم: {يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس} فيصبحون في تسبيح وعبادة مطلقة لا معصية فيها، ويخرجون عن الطور الإنساني المعروف من ارتكاب ما تمليه الشهوات من الموبقات، ويصبحون في حالة من العبادة كحال الملائكة، ولهم زيادة على ذلك أنهم في الحياة الدنيا كابدوا الشهوات، واتقوا الله سبحانه وتعالى، وعصوا إبليس، فلهم الآن حال وفيما بعد حال آخر، بينما الملائكة في حال واحد.
قال ابن القيم: -(قال ابن القيم: ...) هذه الكلمة ألحقت بالفتوى ولم يقلها شيخ الإسلام- "وبهذا التفصيل يتبين سر التفضيل وتتفق أدلة الفريقين ويصالح كل منهم على حقه".
هذا هو الجواب المجمل، والخلاصة النهائية لهذه المسألة.